تستمر معدلات انتشار متلازمة القولون العصبي (القولون العصبي) وغيرها من اضطرابات الجهاز الهضمي في الارتفاع، حيث يصنف العديد من الأطباء هذه الحالات كأمراض مزمنة تتطلب إدارة الأعراض بدلاً من إيجاد حل نهائي لها. هناك مفهوم خاطئ شائع يعتمد على علاج أعراض القولون العصبي مثل الانتفاخ، الغازات، الإمساك، وعسر الهضم باستخدام أدوية مثل “ليبراكس” أو الملينات، دون معالجة الأسباب الجذرية للمشكلة. بعد القيام بفحوصات معيارية مثل تنظير القولون وتحليل البراز، يحصل العديد من الناس على تشخيص شامل وغير دقيق بالمسببات الجذرية لمتلازمة القولون العصبي. غالبًا ما يُنصح هؤلاء المرضى بتجنب الأطعمة التي تسبب الغازات، إدارة التوتر، وتناول الأدوية لتخفيف الأعراض بدلاً من معالجة السبب الأساسي الذي أدى إلى ظهور الحالة.
من الطبيعي أن نشعر ببعض الاضطرابات الهضمية بعد تناول وجبات كبيرة أو في أوقات التوتر، ولكن إذا أصبحت الأعراض شديدة لدرجة أنها تؤثر على الحياة اليومية، فهذا غير طبيعي. الأعراض المستمرة مثل الغازات المفرطة، الانتفاخ، الإسهال، التشنجات، التعب، وتدهور جودة الحياة قد تشير إلى وجود مشكلة أعمق. أحد الأسباب الرئيسية الكامنة وراء القولون العصبي، والذي يصيب حوالي 80٪ من المرضى، هو فرط نمو البكتيريا في الأمعاء الدقيقة (السيبو) كما يمكن أن يكون القولون العصبي ناتجًا عن عدة عوامل أخرى مثل حساسية الطعام (مثل الغلوتين ومنتجات الألبان)، الاستخدام المفرط للمضادات الحيوية، الاستخدام الطويل لأدوية مثبطات مضخة البروتون (PPIs)، وتباطؤ حركة الأمعاء، الذي يُلاحظ غالبًا لدى مرضى قصور الغدة الدرقية أو الأشخاص الذين خضعوا لجراحة علاج السمنة (لتحويل مسار المعدة).
في حين أن كلًا من السيبو والقولون العصبي يؤثران على الجهاز الهضمي، تختلف أسبابها الجذرية. الفرق الرئيسي بينهما هو أن مرض السيبو غالبًا ما يكون السبب الأساسي وراء القولون العصبي، بينما القولون العصبي هو متلازمة وهو عبارة عن مجموعة من الأعراض التي يعاني منها الأشخاص الذين يعانون من مشاكل هضمية، بما في ذلك السيبو. لذلك، فإن علاج السيبو يستهدف السبب الجذري بدلاً من مجرد إدارة الأعراض المرتبطة بالقولون العصبي. في هذا المقال، سنستعرض ماهية السيبو، وكيف يختلف عن القولون العصبي، والفحوصات المخبرية اللازمة لتمييزهما، والخطوات الطبيعية للشفاء.
لماذا يشعر مرضى القولون العصبي بالضياع؟
غالبًا ما يشعر مرضى القولون العصبي بالضياع ويواجهون معضلة لأنهم، رغم معاناتهم من أعراض مزعجة مثل الانتفاخ والغازات وعدم الراحة الهضمية، تظهر الفحوصات الطبية التقليدية مثل التنظير الداخلي وفحوصات الدم بنتائج طبيعية. هذا يجعل العديد من الأطباء يتجاهلون أعراضهم ويعتبرونها أعراض نفسية، مما يؤدي إلى شعور المرضى بأن أعراضهم غير معترف بها. المشكلة الرئيسية التي يعاني منها العديد من مرضى القولون العصبي هي فرط نمو البكتيريا في الأمعاء الدقيقة (السيبو)، وهي حالة مجهرية لا تكشف عنها الفحوصات التقليدية. هذا النقص في التشخيص يترك المرضى يعانون دون علاج مناسب، مما يزيد من إحباطهم وتوترهم النفسي.
ما هو السيبو مقارنة مع القولون العصبي؟
فرط نمو البكتيريا في الأمعاء الدقيقة(السيبو)، هو اضطراب هضمي يحدث عندما تنتقل البكتيريا من موطنها الأصلي أي الأمعاء الغليظة إلى الأمعاء الدقيقة وتتزايد بكميات غير طبيعية في مكان لا تنتمي. وفي هذه الحالة، عندما يصل الطعام إلى الأمعاء الدقيقة، تقوم هذه البكتيريا بتخمير بقايا الطعام غير المهضومة، مما يؤدي إلى التهاب، تقرحات، وتراكم الفضلات في الأمعاء الدقيقة. يسبب هذا أعراضًا شبيهة بالقولون العصبي مثل التشنجات، الإسهال، الإمساك، الانتفاخ الشديد، والغازات نتيجة التخمير المفرط. كما أنه يعيق امتصاص العناصر الغذائية الأساسية، مما يؤدي إلى نقص في الفيتامينات والمعادن ويزيد من المشاكل الهضمية.
الفرق الأساسي بين السيبو والقولون العصبي هو أن السيبو غالبًا ما يكون السبب الجذري وراء القولون العصبي، بينما القولون العصبي هو مجموعة من الأعراض التي يعاني منها الأشخاص الذين يعانون من مشاكل هضمية، بما في ذلك السيبو. لذلك، فإن علاج السيبو يمكن أن يخفف من السبب الأساسي وراء القولون العصبي بدلاً من مجرد إدارة الأعراض.
أسباب السيبو مقارنة بالقولون العصبي:
في العديد من الحالات، يمكن القول إن السيبو والقولون العصبي متشابهان إلى حد كبير، حيث يكون السيبو هو السبب الرئيسي، بينما القولون العصبي هو مجموعة من الأعراض. وتشمل الأسباب الجذرية لكليهما تقريبًا العوامل ذاتها، مثل:
- نظام غذائي غني بالسكريات والكربوهيدرات البسيطة: الأطعمة مثل المعجنات والحلويات والخبز تعزز نمو البكتيريا الضارة في الأمعاء الدقيقة.
- الحساسيات الغذائية: سواء كانت حساسيات وراثية مثل حساسية الغلوتين لدى مرضى السيلياك، أو حساسية الألبان عندما يفتقر الشخص إلى إنزيم اللاكتاز المسؤول عن هضم اللاكتوز، وهو السكر الموجود في الحليب ومنتجات الألبان أو الحساسيات المكتسبة مثل حساسية الغلوتين و الألبان، والذرة، الصويا و الفول السوداني.
- الاستخدام المزمن للمضادات الحيوية: يؤدي الاستخدام المطول للمضادات الحيوية إلى اختلال التوازن بين البكتيريا الجيدة والضارة، مما يسمح للبكتيريا الضارة بالنمو في الأمعاء الدقيقة.
- الاستخدام المفرط لأدوية مثبطات مضخة البروتون أو مثبطات الحموضة (PPIs): يؤدي الاستخدام الطويل لهذه الأدوية التي تقلل من حموضة المعدة إلى انخفاض مستوى الحموضة الذي يعمل كمعقم طبيعي للجهاز الهضمي، مما يسمح للبكتيريا والفطريات والجراثيم الأخرى بالنمو في الأمعاء الدقيقة.
- الجراحات المعوية: مثل جراحة تصغير المعدة وعمليات التكميم (Sleeve)، والتي قد تسبب خللًا في توازن البكتيريا.
- التوتر المزمن: يزيد التوتر المستمر من مستويات الكورتيزول، مما يؤدي إلى فرط نمو البكتيريا في الأمعاء الدقيقة.
- تباطؤ حركة الأمعاء الذي يحدث في حالات قصور الغدة الدرقية، الألم العضلي الليفي(fibromyalgia)، أو بعد جراحات تصغير أو تكميم المعدة.
أعراض السيبو مقارنة مع أعراض القولون العصبي:
تختلف شدة هذه الأعراض، ولكنها قد تؤثر بشكل كبير على الصحة الجسدية والعقلية، مما يستدعي التشخيص والعلاج المناسب.
الفرق بين فرط نمو البكتيريا الضار في الأمعاء الدقيقة (السيبو) ومتلازمة القولون العصبي (IBS):
على الرغم من أن أعراض فرط نمو البكتيريا الضار في الأمعاء الدقيقة(السيبو) تشبه أعراض متلازمة القولون العصبي (IBS)، إلا أن الأسباب الجذرية لكل منهما مختلفة. متلازمة القولون العصبي هي اضطراب وظيفي في الجهاز الهضمي، وغالبًا ما ترتبط بالعديد من الحالات التي تهيئ لظهورها، بينما يحدث فرط نمو البكتيريا الضار في الأمعاء الدقيقة (السيبو) نتيجة تكاثر غير طبيعي للبكتيريا الضارة في الأمعاء الدقيقة. هذه البكتيريا عادةً ما تعيش في الأمعاء الغليظة، ولكن عندما تنتقل إلى الأمعاء الدقيقة، يمكن أن تسبب مشاكل هضمية.
تشير الأبحاث إلى أن اضطراب توازن البكتيريا، بما في ذلك فرط نموها (السيبو)، يمكن أن يسبب أعراض متلازمة القولون العصبي، لكنه ليس السبب الوحيد. هذا قد يفسر لماذا بعض الأشخاص الذين يعانون من أعراض القولون العصبي لا تظهر لديهم نتائج إيجابية للسيبو في الاختبارات، خاصة عندما يكون السبب ضعف حموضة المعدة أو تباطؤ حركة الأمعاء أو بعد جراحة تصغير أو تكميم المعدة. أظهرت الدراسات أن السيبو شائع بشكل كبير بين الأشخاص المصابين بالقولون العصبي، لكن ليس كل من يعاني من السيبو تظهر عليه الأعراض بوضوح.
كل من الحالتين قد تؤديان إلى مشكلات هضمية متشابهة، مثل الانتفاخ والإمساك والإسهال. ولكن بينما يتم تعريف متلازمة القولون العصبي بمجموعة من الأعراض (التي تظهر بسبب بعض المشكلات السابقة والتي بدورها أدت لظهور أعراض القولون العصبي مثل ارتجاع المريء أو بعض حساسيات الطعام مثلا)، فإن السيبو مرتبط بنمو بكتيري غير طبيعي في الأمعاء الدقيقة. في بعض الحالات، قد يكون فرط نمو البكتيريا هو السبب الرئيسي لأعراض القولون العصبي، لكن من الممكن أيضًا أن يحدث السيبو دون ظهور أعراض متلازمة القولون العصبي.
الفحوصات اللازمة لتشخيص مرض السيبو (أهم أسباب متلازمة القولون العصبي):
هناك العديد من الفحوصات التي يمكن أن تساعد في تشخيص فرط نمو البكتيريا الضار في الأمعاء الدقيقة أو السيبو. إذا كنت تعاني باستمرار من أعراض مثل الانتفاخ والغازات والإمساك أو الإسهال والتشنجات وسوء الهضم، فمن المحتمل أن يكون السيبو هو السبب وراء أعراضك المشابهة للقولون العصبي.
تشخيص السيبو قد يكون تحديًا لأنه يتطلب الكشف المجهري، وغالبًا ما تُظهر الفحوصات التقليدية مثل التنظير نتائج سلبية خاطئة. هذا قد يؤدي إلى إحباط المرضى لأن أعراضهم قد تُهمل، وقد يتم تصنيف العديد منهم خطأً بأن لديهم مشكلات نفسية أو عقلية. لذلك، حتى إذا كانت الفحوصات الأولية غير حاسمة، فإن وجود الأعراض الخمس التالية يشير بقوة إلى وجود فرط نمو البكتيريا الضار (السيبو):
ومن بين الفحوصات المهمة لتشخيص السيبو:
- اختبار النفس للهيدروجين والميثان: هذا الاختبار يقيس مستويات الهيدروجين والميثان في التنفس بعد تناول محلول سكري (مثل الجلوكوز أو اللاكتولوز). تشير المستويات المرتفعة إلى وجود البكتيريا الضارة في الأمعاء الدقيقة.
- تحليل البراز: تحليل عينة من البراز يمكن أن يكشف عن وجود بكتيريا أو فطريات ضارة مثل “كانديدا” أو “E. coli”، مما يساعد في تقييم صحة الأمعاء والكشف عن العدوى المحتملة. يمكن أيضًا أن يكون مستوى “calprotectin” مرتفعًا لدى مرضى السيبو.
- عدد خلايا الدم البيضاء: قد تشير المستويات المرتفعة من خلايا الدم البيضاء إلى وجود فرط نمو بكتيري، مما يعني استجابة الجهاز المناعي لعدوى.
- اختبار الأجسام المضادة للفطريات والبكتيريا: هذا الاختبار يكشف عن مستويات مرتفعة من الأجسام المضادة ضد البكتيريا أو الفطريات، مثل “كانديدا”، مما يشير إلى وجود نمو مفرط للكائنات الدقيقة الضارة. إضافةً إلى ذلك، يمكن أن تكون الأجسام المضادة للغدة الدرقية مرتفعة لدى الأشخاص الذين يعانون من السيبو وتسريب الأمعاء.
أما بالنسبة لتشخيص متلازمة القولون العصبي (IBS)، فيعتمد بشكل أساسي على التاريخ الطبي للمريض والأعراض التي يعاني منها، وأحيانًا قد تُطلب بعض الفحوصات المخبرية.
العلاج الطبيعي لفرط نمو البكتيريا الضار في الأمعاء الدقيقة (السيبو):
يعد علاج السيبو عملية تتطلب تغييرات كبيرة في نمط الحياة والنظام الغذائي. من المهم أن ندرك أن كل شخص يختلف وضعه بناءً على العمر، والتاريخ الطبي، وسبب المشكلة الهضمية – سواء كانت سيبو، أو انخفاض في حمض المعدة، أو ضعف حركة الأمعاء. من الضروري تقييم وتشخيص كل حالة بشكل فردي، ثم تطبيق العلاجات والمكملات الغذائية المناسبة بناءً على احتياجات المريض. معالجة السبب الجذري توفر راحة على المدى الطويل، بينما التركيز فقط على الأعراض قد يؤدي إلى استمرار متلازمة القولون العصبي (IBS) واستمرار المشاكل. من خلال معالجة الأسباب الأساسية، يمكن التخلص من السيبو واستعادة القدرة على تناول نظام غذائي طبيعي، بما في ذلك منتجات الغلوتين ومنتجات الألبان.
اتبع هذه الخطوات الأساسية الخمس لعلاج السيبو والقولون العصبي:
مرحلة الإزالة:
قم بإزالة الأطعمة التي تعزز نمو البكتيريا الضارة، مثل السكريات والجلوتين ومنتجات الألبان. بالإضافة إلى ذلك، يجب تجنب الأطعمة التي تثير عدم التحمل أو الحساسية، والابتعاد عن الأطعمة المصنعة والمسببة للالتهابات. عادة ما يتضمن النظام الغذائي المناسب للسيبو والقولون العصبي اتباع نظام غذائي منخفض الفودماب (FODMAP).
- لمزيد من المعلومات حول خطة وجبات شخصية لمعالجة السيبو والقولون العصبي، يمكنك الانضمام (من خلال الضغط على الرابط أدناه) إلى برنامجنا للحصول على إرشادات شاملة وقائمة كاملة بالأطعمة المسموح بها والممنوعة.
رابط التسجيل في بروتوكول التشافي الطبيعي من السيبو والقولون العصبي
تحسين الهضم:
- دعم عملية الهضم من خلال تعزيز حمض المعدة القوي، واستخدام الإنزيمات الهاضمة، وتحسين امتصاص العناصر الغذائية. يمكن تحقيق ذلك عن طريق تناول مكملات الإنزيمات الهاضمة أو استخدام خل التفاح.
قتل البكتيريا الضارة:
- القضاء على البكتيريا الضارة عن طريق إدراج الأطعمة والمكملات الطبيعية المضادة للبكتيريا، مثل زيت جوز الهند والثوم.
إصلاح الأمعاء:
- تناول الأطعمة التي تعزز شفاء بطانة الأمعاء، مثل مرق العظام والأطعمة الغنية بأوميغا 3.
إعادة إدخال البكتيريا النافعة:
- بعد القضاء على البكتيريا الضارة، يجب استعادة التوازن في الأمعاء عن طريق تناول البروبيوتيك لإعادة تكاثر البكتيريا النافعة.
ملاحظة هامة: إذا كنت تعاني من فرط نمو البكتيريا الضار في الأمعاء الدقيقة أو السيبو، يجب تجنب تناول الأطعمة المخمرة والمكملات التي تحتوي على البروبيوتيك في بداية العلاج. انتظر حتى بعد الأسبوع الرابع لبدء إدخالها في نظامك الغذائي.
الخلاصة: فرط نمو البكتيريا في الأمعاء الدقيقة أو السيبو هو حالة هضمية معقدة تتطلب نهجاً شاملاً يركز على تغييرات نمط الحياة والنظام الغذائي الصحي. يمكن أن يؤدي معالجة الأسباب الجذرية من خلال التشخيص السليم والعلاجات الطبيعية إلى شفاء فعال. تجنب الأطعمة الضارة والمسببة للالتهابات واستخدام المكملات الطبيعية يمكن أن يدعم بشكل كبير عملية التعافي، ويساعد على تحسين صحة الجهاز الهضمي.
لمعرفة المزيد عن الفرق بين متلازمة القولون العصبي والسيبو، يرجى الرجوع إلى قناة د. فجر الجميري على اليوتيوب ومشاهدة هذه الحلقة: