كيف تؤثر صحة الأمعاء على الصحة النفسية؟-علاج نوبات الهلع،الخوف و الاكتئاب من خلال علاج الجهاز الهضمي

تتناول هذه المقالة العلاقة بين صحة الأمعاء والصحة النفسية، موضحةً كيف أن الأمعاء الصحية ضرورية لصحة نفسية متوازنة. تُعرف الأمعاء أحيانًا باسم “الدماغ الثاني” نظرًا لاحتوائها على 100 مليون خلية عصبية، وهي تلعب دورًا كبيرًا في الصحة العقلية والنفسية . يعمل الجهاز الهضمي الصحي، الذي يحتوي على توازن في بكتيريا الأمعاء وجدار أمعاء قوي وسليم، على تنظيم السموم والمعادن الثقيلة في الجسم، مما يدعم استقرار العقل والصحة النفسية بشكل عام.

العلاقة بين الصحة النفسية وميكروبيوم الأمعاء المتوازن عميقة. يلعب الميكروبيوم المتنوع، المكون من البكتيريا المفيدة، دورًا هامًا في تنظيم وظائف الدماغ والمزاج. تنتج هذه البكتيريا مركبات هامة، مثل السيروتونين والدوبامين وGABA، التي تؤثر على كيمياء الدماغ واستجابته للتوتر. يساهم الميكروبيوم الصحي في تعزيز الصحة النفسية من خلال تحسين التوازن المزاجي، تقليل الالتهاب، والحماية من الاضطرابات المرتبطة بالتوتر.

على العكس، يمكن أن تؤدي الأمعاء غير الصحية إلى مشاكل في الصحة النفسية مثل الاكتئاب، القلق، اضطراب ثنائي القطب، الوسواس القهري، والتوحد. ستكتشف في هذه المقالة ثلاثة جوانب رئيسية لهذه العلاقة بالتفصيل: تأثير ميكروبيوم الأمعاء الصحي، أهمية الحفاظ على جدار الأمعاء قوي، وتأثير صحة الأمعاء على انتشار السموم في الجسم. فهم هذه العلاقات يمكن أن يساعدنا في كيفية التعامل مع التوتر وتحسين الصحة العقلية.

الأسباب الجذرية التي تربط صحة  الأمعاء بالصحة النفسية 

يمكن أن يؤثر التوتر المزمن بشكل كبير على صحة الأمعاء، مما يخلق دائرة مفرغة من المشاكل الصحية بين الأمعاء والدماغ. مصادر التوتر، مثل ضغوط العمل، القلق المالي، أو العلاقات المتوترة، يمكن أن تخل بتوازن الجسم، مما يؤدي إلى القلق، الاكتئاب، والإرهاق المزمن. يوضح الرابط بين الأمعاء والدماغ مدى التشابك الوثيق بين هذه الأنظمة، حيث أن التوتر والالتهاب يؤثران سلبًا على الصحة النفسية والجسدية.

ثلاثة عوامل رئيسية جذورها من الأمعاء تؤثر على الصحة النفسية  

  1. اختلال توازن بكتيريا الأمعاء: يجب أن تحتوي الأمعاء الصحية على نسبة 85٪ من البكتيريا المفيدة و15٪ من البكتيريا الضارة. هذا التوازن مهم لأن البكتيريا المفيدة في الأمعاء تنتج حوالي 90٪ من هرمونات السعادة لدينا، بما في ذلك السيروتونين، الدوبامين، وGABA، والتي تنظم المزاج، النوم، والصحة النفسية العامة. يمكن أن تؤدي حالات مثل متلازمة القولون العصبي (IBS)، أمراض الأمعاء الالتهابية (IBD)، أو العدوى مثل H. pylori إلى اختلال هذا التوازن، مما يدعم نمو البكتيريا والفطريات الضارة على حساب البكتيريا النافعة. هذا الاختلال يمكن أن يؤدي إلى نقص في هذه الهرمونات (هرمونات السعادة) مما يساهم في مشاكل الصحة النفسية مثل القلق، الاكتئاب، التوحد، والوسواس القهري.
  2. الأمعاء المتسربة او ارتشاح الأمعاء : في هذه الحالة تصبح بطانة الأمعاء أكثر نفاذية، مما يسمح بدخول السموم والمعادن الثقيلة وجزيئات الطعام غير المهضومة إلى مجرى الدم. يؤدي ذلك إلى تحفيز الالتهاب العام، وخاصة في الجهاز العصبي المركزي، مما يزيد من احتمالية الإصابة بالاكتئاب والقلق ومشاكل الصحة النفسية الأخرى مع مرور الوقت.
  3. محور الدماغي المعوي والعصب الحائر: يحتوي جدار الأمعاء الداخلي على حوالي 100 مليار خلية عصبية، مما يطلق عليه اسم “الدماغ الثاني”. في حالات مثل فرط نمو البكتيريا الضار في الأمعاء الدقيقة (SIBO)، وأمراض الأمعاء الالتهابية، وحساسية الطعام، وغيرها من مشاكل الأمعاء، يؤدي الالتهاب المزمن إلى تهيج الخلايا العصبية الموجودة في الأمعاء، مما يجعلنا أكثر عرضة للإصابة بمشاكل الصحة النفسية مثل الاكتئاب، القلق، والوسواس القهري. إضافة إلى ذلك، فإن التواصل بين الأمعاء والدماغ عبر العصب الحائر يلعب دورًا حاسمًا في الصحة النفسية. يؤدي الإجهاد، والالتهاب، واختلال التوازن في ميكروبيوم الأمعاء إلى تعطيل هذا التواصل، مما يؤثر على المزاج والوظائف الإدراكية.

الأمعاء المتسربة وتأثيرها على أغشية الدماغ والصحة العقلية النفسية 

يعمل الجهاز الهضمي الصحي كحاجز واقي، حيث يقوم بتصفية الجراثيم الضارة، السموم، والمعادن الثقيلة. ومع ذلك، في الأفراد الذين يعانون من مشاكل هضمية مثل IBS وIBD، يمكن أن يتعطل هذا الجدار، مما يؤدي إلى حالة تعرف باسم “تسرب الأمعاء” أو زيادة نفاذية الأمعاء. يحدث تسرب الأمعاء عندما تتعطل البروتينات التي تتحكم عادةً فيما يدخل من الأمعاء إلى مجرى الدم، مما يسمح بدخول جزيئات غير مرغوب فيها إلى مجرى الدم.

غالبًا ما يتم تحفيز هذه العملية بواسطة التوتر المزمن، الذي يخل بتوازن بكتيريا الأمعاء ويضعف بطانة الأمعاء. نتيجة لذلك، يمكن للسموم، البكتيريا، الغلوتين، ومواد ضارة أخرى أن تتسرب إلى مجرى الدم، مما يسبب التهابًا في الجسم، بما في ذلك الدماغ. يعد هذا الالتهاب الدماغي عاملًا رئيسيًا في مشاكل الصحة العقلية مثل الاكتئاب، القلق، التوحد، اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD)، الزهايمر، واضطراب ثنائي القطب. يمكن للمواد الضارة التي تنتجها البكتيريا الضارة في الأمعاء أن تعبر إلى مجرى الدم، تصل إلى الدماغ، وتزيد من الالتهاب، مما يخلق سلسلة من التأثيرات السلبية على صحة الدماغ.

العلاقة بين الأمعاء والدماغ: كيف تؤثر صحة أمعائك على عقلك؟

هل تعلم أن الأمعاء تُعرف أحيانًا بـ “الدماغ الثاني” لأنها تحتوي على حوالي 100 مليار خلية عصبية؟ هذا يفسر شعورنا بالتوتر قبل مقابلة أو امتحان، حيث يتم تحفيز هذه الخلايا العصبية في الأمعاء بسبب الإجهاد. بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من متلازمة القولون العصبي (IBS) أو أمراض الأمعاء الالتهابية (IBD)، يؤدي الالتهاب المزمن في بطانة الأمعاء إلى تهييج هذه الخلايا العصبية، مما يزيد من احتمالية الإصابة بمشاكل نفسية مثل القلق والاكتئاب. يُعتبر المحور الدماغي المعوي، شبكة تواصل حيوية تربط بين الأمعاء والدماغ، حيث يلعب العصب الحائر دورًا رئيسيًا في إرسال الإشارات بينهما. في الواقع، حوالي 90% من الإشارات تنتقل من الأمعاء إلى الدماغ، مما يجعل الدماغ على اطلاع دائم بنشاط الأمعاء. يشمل هذا الرابط الوثيق أيضًا الجهاز العصبي المتواجد في الأمعاء، الذي يساعد في تنظيم الهضم في الأمعاء. يمكن دعم المحور الدماغي المعوي من خلال إدارة الإجهاد، اتباع نظام غذائي مناسب، وممارسة الرياضة بانتظام، مما يحسن الصحة النفسية والجسدية بشكل كبير.

طرق طبيعية لتحسين الاتصال بين القناة الهضمية والدماغ من أجل تحسين الصحة النفسية
لدعم اتصال صحي بين الأمعاء والدماغ، من الضروري التركيز على كل من النظام الغذائي المتوازن وممارسات إدارة التوتر الفعالة. شفاء أمعائنا أمر أساسي للحفاظ على جدار الأمعاء صحي و مستعمرات بكتيريا صحية مزدهر. إليك بعض الاستراتيجيات الرئيسية لتحسين صحة الأمعاء وتقليل التوتر:

1.تعزيز مستعمرات البكتيريا الصديقة في الأمعاء:

  • إزالة السموم من الأمعاء: استخدم مضادات حيوية طبيعية لتطهير الأمعاء من البكتيريا والفطريات الضارة. من أهم الأمثلة عن المضادات الحيوية الطبيعية نجد: البربارين، كبسولات زيت الأوريجانو، زيت شجرة الشاي، زيت الحبة السوداء، عسل المانوكا، وزيت جوز الهند. يمكن أيضًا أن يكون العصير الأخضر مع السبيرولينا مفيدًا.
  • تعزيز البكتيريا الجيدة: أضف إلى نظامك استهلاك البريبايوتيك prebiotics، أو غذاء البكتيريا النافعة. تشمل الأطعمة الغنية بالبريبايوتيك: الخضروات الورقية الداكنة، الخرشوف، الهندباء، الموز، الشعير، البصل، جذور الياكا، وبذور الكتان.
  • تناول الأطعمة الغنية بالبروبيوتيك: أضف الأطعمة الغنية بالبروبيوتيك إلى نظامك الغذائي مثل مخلل الملفوف، الميسو، والزبادي.

2. عالج الأمعاء المتسربة وفرط نفاذية الأمعاء:

  • معالجة تسريب الأمعاء: دعم صحة جدار الأمعاء من خلال تناول مرق العظام، الكولاجين، الجلوتامين، الجيلاتين الطبيعي، وشاي جذور المارشميلو.

3.تقليل الالتهاب المزمن داخل الأمعاء:

  • التخلص من الأطعمة المسببة للتوتر: اتبع نظامًا غذائيًا يعتمد على التخلص من الأطعمة التي تفاقم الالتهابات مثل الذرة، فول الصويا، البيض، الجلوتين، منتجات الألبان، والسكر.

لدعم صحة الأمعاء والصحة العقلية والنفسية، من المهم تناول وجبات متوازنة تحتوي على الألياف، الدهون الصحية، والكربوهيدرات المعقدة. تجنب إلغاء الوجبات، خاصة وجبة الإفطار. إن النظام الغذائي الغني بالألياف، الأطعمة المضادة للالتهابات، ومضادات الأكسدة مثل تلك الموجودة في الفواكه، الخضروات، والدهون الصحية، يمكن أن يعزز الطاقة ويحمي خلايا الأمعاء ويحسن وظائف الدماغ. تناول الفيتامينات B من مصادر الطعام مثل اللحم البقري الذي يتغذى على العشب، الكبد، الدواجن، والخضروات الورقية، بالإضافة إلى الأطعمة الغنية بالمغنيسيوم مثل البذور، المكسرات، والأفوكادو، يمكن أن يساعد أيضًا في تهدئة الأعصاب والحفاظ على توازن صحي للبكتيريا في الأمعاء.

لتجنب تقلبات المزاج والتوتر، من المهم تقليل تناول الأطعمة الغنية بالسكر والمصنعة، وكذلك الكحول. علاوة على ذلك، تجنب المنشطات مثل القهوة، مشروبات الطاقة، والمشروبات الغازية، خاصة على معدة فارغة، حيث يمكن أن تزيد من القلق وتؤثر على النوم. استهلاك الأطعمة والمشروبات الباردة باستمرار قد يجهد جهازك الهضمي، لذا من الأفضل تجنبها.

  • استهلاك الأطعمة الغنية بمضادات الأكسدة: تناول الأطعمة الغنية بمضادات الأكسدة مثل التوت والشوكولاتة الداكنة، السماق، الزيتون وزيت الزيتون، والقرفة.
  • إضافة الأطعمة المضادة للالتهابات: أضف الكركم (الكركمين)، الزنجبيل، السبيرولينا، الثوم والكمون، الشمندر، البروكلي والكرفس. تساعد أحماض أوميغا 3 الدهنية الموجودة في مصادر مثل الأسماك الدهنية، اللحوم التي تتغذى على العشب، بذور الكتان، والجوز أيضًا في تقليل الالتهابات.

للحصول على نظام غذائي مخصص للأشخاص الذين يعانون من القلق والاكتئاب، استشر الدكتورة فجر الجميري من خلال رابط التسجيل أدناه:

رابط برنامج القولون العصبي وفرط نمو البكتيريا الضارة في الأمعاء (SIBO)

المكملات الطبيعية للصحة العقلية والنفسية:

  • شاي الأعشاب: تناول الشايات المهدئة مثل اللافندر والبابونج.
  • البروبيوتيك: أضف مكملات البروبيوتيك لدعم صحة الأمعاء.
  • النظر في مكملات مثل الأدابتوجينات Adaptogens(الأشواغاندا)، والمغنيسيوم للمساعدة في تنظيم مستويات الكورتيزول ودعم إدارة التوتر.
  • المكملات الفردية الخاصة بكل شخص: استشر الدكتورة فجر لتحديد المكملات الخاصة بناءً على احتياجاتك وظروفك، اضغط على الرابط أدناه لتحجز استشارتك الشخصية: 

رابط برنامج القولون العصبي وفرط نمو البكتيريا الضارة في الأمعاء (SIBO)

إليك بعض النصائح الإضافية لدعم صحتك النفسية والعقلية وصحة الأمعاء من خلال تحفيز العصب الحائر (صلة الوصل بين الدماغ والأمعاء). يمكن أن تساعد هذه الممارسات في تحسين وظائف الأمعاء بشكل عام، وتخفيف الأعراض المرتبطة بالأمعاء، وتحسين الصحة العقلية والنفسية بشكل عام:

  • التنفس العميق: مارس تمارين التنفس العميق من خلال الشهيق لعدتين والزفير لأربع عدات لتحفيز العصب المبهم وتعزيز الاسترخاء.
  • الوخز بالإبر والتدليك الذاتي: استخدم تقنيات مثل الوخز بالإبر لتحفيز العصب المبهم والتدليك الذاتي بلطف للرقبة والكتفين والأذنين مما يعزز شعور الراحة، ويُوفر مزيدا من التحفيز المباشر للعصب الحائر، مما قد يعزز الهضم والاسترخاء.
  • الغرغرة والتعرض للبرودة: الغرغرة والتعرض للبرودة بانتظام (مثل الغطس في الماء البارد بما لا يقل عن 30 ثانية)،أو غمر الوجه في الماء المثلج، “يمكن أن ينشط العصب الحائر”.

تقنيات إدارة التوتر:

  1. التأمل والاسترخاء: مارس التأمل، التنفس العميق، والتمارين الرياضية المنتظمة لتقليل مستويات التوتر. المشاركة في أنشطة مثل المشي، اليوغا، أو قضاء الوقت في الطبيعة يمكن أن تساعد أيضًا.
  2. النوم والاسترخاء: حاول الحصول على 7-8 ساعات من النوم كل ليلة لدعم الصحة العامة وصحة الأمعاء. تجنب البيئات السلبية وابحث عن وقت لممارسة الهوايات والأنشطة الاجتماعية للاسترخاء.

الترطيب بخلطات الإلكتروليت (المعادن المهمة لترطيب الخلايا):
احرص على شرب كمية كافية من الماء ودمج الإلكتروليت (كالبوتاسيوم، الصوديوم، الماغنسيوم…) المتوفرة في الخضروات العضوية والخضروات الورقية الخضراء أو الأعشاب البحرية، لدعم وظائف الغدد الكظرية (وذلك يعمل على خفض مستويات الكورتيزول والسيطرة عليها) والترطيب العام الفعال.

من خلال دمج هذه الممارسات وخيارات النظام الغذائي في روتينك اليومي، يمكنك تعزيز اتصال الأمعاء-الدماغ، وإدارة التوتر بشكل فعال، ودعم الصحة العامة.

ملاحظة هامة: إذا كنت تتناول أدوية نفسية لعلاج القلق أو الاكتئاب، لا تتوقف عن تناولها دون استشارة طبيبك أولاً. يجب أن يتم إجراء أي تغييرات تدريجيًا وتحت إشراف طبي محترف. يرجى العلم أن هذه المسؤولية تقع عليك شخصيًا.

من أجل التعلم أكثر عن علاقة صحة الأمعاء بالصحة النفسية، الرجاء الرجوع الى قناة الدكتورة فجر الجميري على اليوتيوب وشاهد هذه الحلقة: