عندما تلتهب الأمعاء – سواء بسبب القولون العصبيع (IBS) أو الالتهاب المزمن مثل كرون أو القولون التقرّحي (IBD) أو فرط نمو البكتيريا في الأمعاء الدقيقة (SIBO) – يشعر المريض بأن جهازه الهضمي في حالة احتراق داخلي.
لكن هناك خطوات عملية يمكن أن تُحدث فرقًا خلال أيام قليلة، وتهيئ الأمعاء للشفاء التام.
ما الذي يسبب نوبات الالتهاب (Flare)؟
تبدأ النوبة عندما تفقد بطانة الأمعاء توازنها الدقيق، ويزداد الالتهاب بسبب:
- تناول أطعمة مهيجة مثل الغلوتين، منتجات الألبان، المقليات، الكافيين، الكحول.
- الإجهاد النفسي الذي يرفع شدة الأعراض بنسبة تصل إلى 60%.
- العدوى البكتيرية أو فرط نمو البكتيريا الضارة (SIBO).
- قلة النوم أو الإفراط في الرياضة.
أعراض النوبة الحادة

- حرارة داخلية أو إحساس بالسخونة.
- تقلصات وآلام في البطن.
- إسهال ومخاط في البراز.
- انتفاخ وغازات.
- تعب عام وضعف الشهية.
حمية لمدة أسبوعين ستساعدك على التخلص من الأمعاء الملتهبة:
خلال النوبة الحادة، تحتاج الأمعاء إلى راحة وهضم بسيط.
القاعدة الذهبية: طعام خفيف وسهل الهضم، مشروبات علاجية، ومكمّلات مهدئة. الهدف هو تهدئة الالتهاب ومنح الأمعاء راحة تامة.
الأطعمة العلاجية التي يجب التركيز عليها خلال الأسبوعين:
اختر وجبات سهلة الهضم، مطبوخة جيدا ولا تُجهد الجهاز الهضمي:

- البطاطا المشوية أو المهروسة.
- التفاح المطهو بدون قشر.
- شوربة القرع أو الجزر أو الكوسا المشوية.
- السموذي مع بروتين نباتي خفيف الهضم مثل بروتين الأرز البني المنبّت العضوي.
- البيض المسلوق جيدًا أو الدجاج المشوي الخفيف (في المراحل الهادئة فقط).
تجنّب تمامًا الأطعمة التي تتخمر في الأمعاء أو صعبة الهضم في هاذين الأسبوعين مثل: الخضار النيئة والبذور، البقوليات، المقليات، الغلوتين، ومنتجات الألبان.
المشروبات العلاجية:
خلال النوبة، تلعب السوائل العلاجية دور “المسعف الأول” للأمعاء:
1. مرق العظام (Bone Broth)
من أهم العناصر التي تساعد على ترميم بطانة الأمعاء، لاحتوائه على الكولاجين والجلايسين والجلوتامين.
اشرب كوبين يوميًا، صباحًا ومساءً.
2. العصير الأخضر
كوب على الريق يوميا، يُحضّر من الخيار، الاسبيرولينا، والسبانخ المطهو.
يساعد على تهدئة الالتهاب وتغذية الخلايا دون تحميل الأمعاء أليافًا صعبة الهضم.
3. عصير الجزر أو الشمندر
غني بمضادات الأكسدة ويُحسّن حركة الأمعاء، يُفضّل تناوله مرتين الى ثلاثة بالاسبوع، أو نصف كوب يوميا.
4. المشروبات المهدئة

- شاي البابونج: مضاد طبيعي للالتهاب.
- شاي النعناع أو الزنجبيل : يخفف الغازات والتقلصات.
- شاي العرقسوس والمارشميلو: يحمي بطانة الأمعاء ويهدّئ الألم.
المكمّلات العلاجية:
تهدف المكمّلات هنا إلى دعم الهضم وإصلاح بطانة الأمعاء، لا التحفيز الزائد.
1. أنزيمات هضمية طبيعية
تُستخدم حبة قبل كل وجبة لدعم الهضم وتخفيف الغازات وسوء الامتصاص.
2. L-Glutamine (الجلوتامين)
سكوب واحد يوميًا مع العصير أو السموذي — تساعد على إصلاح جدار الأمعاء وتحسين الامتصاص.
3. Collagen (الكولاجين البقري المرعى حر)

سكوب واحد يوميًا مع أي مشروب دافئ أو العصير الأخضر، لدعم ترميم الأنسجة.
4. عصير الألوفيرا الطبيعي 100%
¼ كوب يوميا لتهدئة بطانة الأمعاء وتقليل الالتهاب.
5. المضادات الطبيعية للبكتيريا الضارة
في نهاية الأسبوع الأول، يمكن إدخال:
- زيت الأوريغانو (5 قطرات في كوب ماء) أو
- مستخلص ورق الزيتون، لتطهير الأمعاء بلطف من البكتيريا المسببة للتخمّر والغازات.
مع الالتزام بهذا البروتوكول لمدة أسبوعين، سوف يهدأ الالتهاب تدريجيًا، ويبدأ الامتصاص بالتحسّن، ويعود البراز إلى تماسكه الطبيعي. عندها تكون الأمعاء قد استراحت بما يكفي للبدء بادخال الألياف تدريجيا والبكتيريا النافعة أو البروبيوتيك، وهي الخطوة الأهم في مسار الشفاء الحقيقي.
أهم الأغذية التي يجب ادخالها تدريجيا بعد أسبوعين:
بعد أسبوعين نبدأ بإدخال عناصر غذائية ومكمّلات داعمة تعمل على ترميم بطانة الأمعاء وإعادة التوازن إلى الميكروبيوم (البكتيريا النافعة). الهدف هنا هو تغذية الخلايا، إصلاح الأنسجة، وتعزيز المناعة الهضمية لتصبح الأمعاء أكثر قدرة على التحمل والاستقرار.
1. إدخال الألياف الذائبة تدريجيًا
بعد أن هدأ الالتهاب، يمكن إدخال الألياف الذائبة بكميات صغيرة ومتدرجة، فهي تلعب دورًا أساسيًا في تغذية البكتيريا النافعة وتحسين حركة الأمعاء.
من أفضل الخيارات: الشوفان المطبوخ، بذور الشيا المنقوعة، الموز الأخضر، الصمغ العربي، والبروكلي المطهو جيدًا.
ابدأ بكمية صغيرة يوميًا، وزدها تدريجيًا بحسب قدرة الجهاز الهضمي على التحمل.
2. البروبيوتيك (البكتيريا النافعة)
البروبيوتيك هو حجر الأساس في استعادة بيئة الأمعاء الصحية.
اختر مكمل بروبيوتيك يحتوي على أنواع متعددة (8 سلالات أو أكثر)، وخصوصًا سلالات Bacillus إذا كنت تعاني من فرط نمو البكتيريا الضارة (SIBO).
في حال سبب البروبيوتيك انتفاخًا أو انزعاجًا في البداية، يمكن تأجيل استخدامه للأسبوع الثالث، مع الاستمرار في دعم الهضم بالأطعمة المطهّرة والمهدئة.
3. إعادة بناء الميكروبيوم

تُعتبر هذه الخطوة امتدادًا حيويًا للشفاء، إذ تساعد على ترسيخ التوازن البكتيري الذي يمنع عودة الالتهاب.
احرص على تناول أطعمة غنية بالبريبيوتيك مثل الموز الأخضر، الشوفان، البصل المطبوخ، وبذور الرمان، بالإضافة إلى الأطعمة المخمرة الطبيعية مثل الكفير، الكيمتشي، الميزو، والكمبوتشا.
هذه الأطعمة تغذي البكتيريا الجيدة وتعيد بناء النظام الميكروبي داخل الأمعاء بشكل متكامل.
4. دعم الصحة النفسية والعصبية
لا يمكن فصل صحة الأمعاء عن الحالة النفسية، فالتوتر والقلق يرفعان من الالتهاب ويضعفان المناعة الهضمية.
لذلك، احرص على النوم الكافي (7–9 ساعات)، وممارسة التأمل أو التنفس العميق يوميًا.
يمكن الاستعانة بالأعشاب المهدئة مثل الأشواغاندا أوالفطر الرّيشِي لدعم توازن الكورتيزول وتقوية مقاومة الإجهاد.
الخاتمة:
باتباع هذه الخطوات بتدرّج ووعي، تبدأ الأمعاء باستعادة توازنها الطبيعي، وتتحسّن عملية الهضم والامتصاص، بينما تقل الالتهابات والمغص تدريجيًا.
ومع الوقت، ستشعر بأن طاقتك عادت، وشهيتك أصبحت مستقرة، وجهازك الهضمي أكثر هدوءًا وراحة.
الالتزام بهذا النهج الشامل — غذائيًا، مكملاتيًا، ونفسيًا — هو المفتاح الحقيقي للشفاء العميق واستعادة صحة الأمعاء على المدى الطويل.

